--------------------------------------------------------------------------------
لم يكن “عبد الله بن رواحة” مجرد شاعر ينطلق الشعر من بين ثناياه عذبا قويا فحسب لكنه كان أحد الشعراء الثلاثة الكبار الذين جاهدوا في سبيل الإسلام وتصدوا للدفاع عنه ضد كل من أراد النيل منه أو التشكيك فيه.. لقد كون هذا الشاعر المجاهد مع حسان بن ثابت وكعب بن مالك جبهة شعرية قوية تقف إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ترد عنه الهجمات الشرسة التي استهدفت التشكيك في نبوته.
وعبد الله بن رواحة شاعر أنصاري. كان واحدا من النقباء المبايعين الذين تبنوا الدعوة للإسلام قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وبعد إسلامه وضع مقدرته الشعرية في خدمة الإسلام وصار من اكثر الأنصار عملا لنصرة الدين ودعم بنائه، وكان من أكثرهم يقظة لمكايد “عبد الله بن أبي” الذي كان أهل المدينة يتهيأون لتتويجه ملكا عليها قبل أن يهاجر الإسلام إليها، فمضى يستعمل دهاءه في الكيد للإسلام. في حين مضى عبد الله بن رواحة يتعقب هذا الدهاء ببصيرة منيرة أفسدت على “ابن أبي” اكثر مناوراته وشلت حركة دهائه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يذكر ل “ابن رواحة” أنه من أوائل من بايعوه على مشارف مكة وحملوا الإسلام إلى المدينة ومهدوا لهجرته كما أنه شارك في غزوة بدر وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائها إلى المدينة ليبشر المسلمين بالنصر، بل إن النبي كثيرا ما كان يردد أن من أقرب الشعر إلى قلبه شعر “عبد الله بن رواحة” حتى إنه كان كثيرا ما يستزيد منه ويردده.
بين يدي الرسول
ومن شعر “ابن رواحة” في النبي صلى الله عليه وسلم:
أنت النبي ومن يحرم شفاعته
يوم الحساب فقد أزرى به الكثر
فثبت الله ما آتاك من حسن
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
ومن أحسن ما مدح به النبي صلى الله عليه وسلم قول عبد الله بن رواحة:
لو لم تكن فيه آيات مبينة
كانت بديهته تنبيك بالخبر
وفي يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا مع أصحابه وأقبل عبد الله بن رواحة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: “كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول”؟ فأجاب عبد الله: “أنظر في ذاك ثم أقول”.. ومضى على البديهة ينشد:
يا هاشم الخير إن الله فضلكم
على البرية فضلا ما له غير
إني تفرست فيك الخير أعرفه
فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت أو استنصرت بعضهم
في حلِّ أمرك ما ردوا ولا نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
فسر النبي ورضي وقال له: “وإياك، فثبت الله”.
وحين كان الرسول عليه الصلاة والسلام يطوف بالبيت في عمرة القضاء قال عبد الله بن رواحة:
خلوا بني الكفار عن سبيله
اليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
كما قال “ابن رواحة” بين يدي الرسول:
يا رب لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدَّقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الذين قد بغوا علينا
إذا أرادوا فتنة أبينا
ولما سمعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: “يا ابن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله؟!” فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم : “خل عنه يا عمر فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبال”.
شاعر التعبئة
وكان المسلمون المهاجرون منهم والأنصار يحفظون شعر “عبد الله بن رواحة” عن ظهر قلب ويرددون أناشيده الجميلة في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان “ابن رواحة” سعيدا بحب المسلمين، ويكثر من الشعر كلما شعر بهذا الحب حتى نزلت الآية الكريمة: “والشعراء يتبعهم الغاوون” فحزن حزنا شديدا وقرر أن يترك إنشاد الشعر ولكنه سرعان ما استرد غبطة نفسه وواصل مهمته في الدفاع عن الإسلام بشعره بعد نزول آية أخرى “إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا”.
وعندما جاءت سنة ثمان للهجرة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا لمواجهة الروم وأمّر عليه زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة فإن استشهدوا فليرتض المسلمون رجلا فليجعلوه عليهم.
ولما أراد الخروج بكى عبد الله فقالوا: ما يبكيك يا بن رواحة ؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة إليها ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ “وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا” فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟ فقال المسلمون: صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم فوقف “ابن رواحة” والجيش يتأهب لمغادرة المدينة ينشد:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة
وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حرَّان مجهزة
بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي
يا ارشد الله من غار وقد رشدا
وهكذا كانت أمنية عبد الله بن رواحة ولا شيء سواها، ضربة سيف أو طعنة رمح، تنقله إلى عالم الشهداء الظافرين، ولم يكن ذلك عجيبا عليه فقد خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في كل غزواته “بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر” راغبا في الموت في سبيل الإسلام ومن أشهر قصائده:
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت
وإن تأخرت فقد شقيت
وتحرك الجيش إلى مؤتة وحين استشرف المسلمون عدوهم وجدوا قرابة مائتي ألف مقاتل من الروم، فوجموا.. وقال بعضهم: “فلنبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا، فنمضي له” فشجعهم عبد الله بن رواحة على المضي إلى الجهاد قائلا: “ما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة” وبدأ يحث الناس بشعره على الجهاد قائلا:
إذا أدنيتني وحملت رحلي
مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم
ولا ارجع إلى أهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني
بأرض الشام مشهور الثواء
وكان لشعر ابن رواحة مفعول السحر حتى إنه زرع الحماس في نفوس المجاهدين وانطلقوا لملاقاة جيش الروم وهم يهتفون: الله اكبر.. الله اكبر.
والتقى الجيشان وسقط الأمير الأول “زيد بن حارثة” شهيدا مجيدا.. وتلاه الأمير الثاني “جعفر بن أبي طالب” حتى أدرك الشهادة في غبطة وعظمة.. وتلاه ثالث الأمراء “عبد الله بن رواحة” فحمل الراية من يمين جعفر وكان القتال قد بلغ ذروته وكادت القلة المسلمة تتوه في زحام الجيش العرمرم الذي حشده هرقل وحين كان “ابن رواحة” يقاتل كجندي كان يصول ويجول في غير تردد.. أما الآن فقد صار أميرا للجيش ومسؤولا عن حياته ولكنه بلا تردد استجمع كل قواه وأخذ يصيح بالمسلمين:
أقسمت يا نفس لتنزلنه
ما لي أراك تكرهين الجنة؟
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت
إن تفعلي فعلهما هديت
وكان يعني بذلك صاحبيه اللذين سبقاه إلى الشهادة: زيدا وجعفر رضي الله عنهما.
وما إن سمع المسلمون صياح عبد الله بن رواحة حتى هبوا لمؤازرته وهو يعصف بجيش الروم بكل قوة وشجاعة وهم يرددون أنشودته الخالدة.. حتى سقط ابن رواحة شهيدا كما تمنى.
وبينما كان القتال يدور فوق ارض البلقاء بالشام أخبر الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حصل في الغزوة فحدث رسول الله الصحابة بذلك والمعركة مازالت تدور.
هكذا كان “عبد الله بن رواحة” شاعرا مجاهدا جسد أبرع صور الدفاع عن الإسلام والذود عنه بشعر صادق يحض النفوس على التقوى والجهاد وطلب الشهادة.. فأحبه النبي وأثنى عليه كثيرا والتف حوله المسلمون وحفظوا شعره ورددوه عن ظهر قلب.. رحم الله “ابن رواحة” وأسكنه فسيح جناته.
لم يكن “عبد الله بن رواحة” مجرد شاعر ينطلق الشعر من بين ثناياه عذبا قويا فحسب لكنه كان أحد الشعراء الثلاثة الكبار الذين جاهدوا في سبيل الإسلام وتصدوا للدفاع عنه ضد كل من أراد النيل منه أو التشكيك فيه.. لقد كون هذا الشاعر المجاهد مع حسان بن ثابت وكعب بن مالك جبهة شعرية قوية تقف إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ترد عنه الهجمات الشرسة التي استهدفت التشكيك في نبوته.
وعبد الله بن رواحة شاعر أنصاري. كان واحدا من النقباء المبايعين الذين تبنوا الدعوة للإسلام قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وبعد إسلامه وضع مقدرته الشعرية في خدمة الإسلام وصار من اكثر الأنصار عملا لنصرة الدين ودعم بنائه، وكان من أكثرهم يقظة لمكايد “عبد الله بن أبي” الذي كان أهل المدينة يتهيأون لتتويجه ملكا عليها قبل أن يهاجر الإسلام إليها، فمضى يستعمل دهاءه في الكيد للإسلام. في حين مضى عبد الله بن رواحة يتعقب هذا الدهاء ببصيرة منيرة أفسدت على “ابن أبي” اكثر مناوراته وشلت حركة دهائه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يذكر ل “ابن رواحة” أنه من أوائل من بايعوه على مشارف مكة وحملوا الإسلام إلى المدينة ومهدوا لهجرته كما أنه شارك في غزوة بدر وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائها إلى المدينة ليبشر المسلمين بالنصر، بل إن النبي كثيرا ما كان يردد أن من أقرب الشعر إلى قلبه شعر “عبد الله بن رواحة” حتى إنه كان كثيرا ما يستزيد منه ويردده.
بين يدي الرسول
ومن شعر “ابن رواحة” في النبي صلى الله عليه وسلم:
أنت النبي ومن يحرم شفاعته
يوم الحساب فقد أزرى به الكثر
فثبت الله ما آتاك من حسن
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
ومن أحسن ما مدح به النبي صلى الله عليه وسلم قول عبد الله بن رواحة:
لو لم تكن فيه آيات مبينة
كانت بديهته تنبيك بالخبر
وفي يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا مع أصحابه وأقبل عبد الله بن رواحة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: “كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول”؟ فأجاب عبد الله: “أنظر في ذاك ثم أقول”.. ومضى على البديهة ينشد:
يا هاشم الخير إن الله فضلكم
على البرية فضلا ما له غير
إني تفرست فيك الخير أعرفه
فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت أو استنصرت بعضهم
في حلِّ أمرك ما ردوا ولا نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
فسر النبي ورضي وقال له: “وإياك، فثبت الله”.
وحين كان الرسول عليه الصلاة والسلام يطوف بالبيت في عمرة القضاء قال عبد الله بن رواحة:
خلوا بني الكفار عن سبيله
اليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
كما قال “ابن رواحة” بين يدي الرسول:
يا رب لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدَّقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الذين قد بغوا علينا
إذا أرادوا فتنة أبينا
ولما سمعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: “يا ابن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله؟!” فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم : “خل عنه يا عمر فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبال”.
شاعر التعبئة
وكان المسلمون المهاجرون منهم والأنصار يحفظون شعر “عبد الله بن رواحة” عن ظهر قلب ويرددون أناشيده الجميلة في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان “ابن رواحة” سعيدا بحب المسلمين، ويكثر من الشعر كلما شعر بهذا الحب حتى نزلت الآية الكريمة: “والشعراء يتبعهم الغاوون” فحزن حزنا شديدا وقرر أن يترك إنشاد الشعر ولكنه سرعان ما استرد غبطة نفسه وواصل مهمته في الدفاع عن الإسلام بشعره بعد نزول آية أخرى “إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا”.
وعندما جاءت سنة ثمان للهجرة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا لمواجهة الروم وأمّر عليه زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة فإن استشهدوا فليرتض المسلمون رجلا فليجعلوه عليهم.
ولما أراد الخروج بكى عبد الله فقالوا: ما يبكيك يا بن رواحة ؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة إليها ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ “وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا” فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟ فقال المسلمون: صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم فوقف “ابن رواحة” والجيش يتأهب لمغادرة المدينة ينشد:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة
وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حرَّان مجهزة
بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي
يا ارشد الله من غار وقد رشدا
وهكذا كانت أمنية عبد الله بن رواحة ولا شيء سواها، ضربة سيف أو طعنة رمح، تنقله إلى عالم الشهداء الظافرين، ولم يكن ذلك عجيبا عليه فقد خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في كل غزواته “بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر” راغبا في الموت في سبيل الإسلام ومن أشهر قصائده:
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت
وإن تأخرت فقد شقيت
وتحرك الجيش إلى مؤتة وحين استشرف المسلمون عدوهم وجدوا قرابة مائتي ألف مقاتل من الروم، فوجموا.. وقال بعضهم: “فلنبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا، فنمضي له” فشجعهم عبد الله بن رواحة على المضي إلى الجهاد قائلا: “ما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة” وبدأ يحث الناس بشعره على الجهاد قائلا:
إذا أدنيتني وحملت رحلي
مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم
ولا ارجع إلى أهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني
بأرض الشام مشهور الثواء
وكان لشعر ابن رواحة مفعول السحر حتى إنه زرع الحماس في نفوس المجاهدين وانطلقوا لملاقاة جيش الروم وهم يهتفون: الله اكبر.. الله اكبر.
والتقى الجيشان وسقط الأمير الأول “زيد بن حارثة” شهيدا مجيدا.. وتلاه الأمير الثاني “جعفر بن أبي طالب” حتى أدرك الشهادة في غبطة وعظمة.. وتلاه ثالث الأمراء “عبد الله بن رواحة” فحمل الراية من يمين جعفر وكان القتال قد بلغ ذروته وكادت القلة المسلمة تتوه في زحام الجيش العرمرم الذي حشده هرقل وحين كان “ابن رواحة” يقاتل كجندي كان يصول ويجول في غير تردد.. أما الآن فقد صار أميرا للجيش ومسؤولا عن حياته ولكنه بلا تردد استجمع كل قواه وأخذ يصيح بالمسلمين:
أقسمت يا نفس لتنزلنه
ما لي أراك تكرهين الجنة؟
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت
إن تفعلي فعلهما هديت
وكان يعني بذلك صاحبيه اللذين سبقاه إلى الشهادة: زيدا وجعفر رضي الله عنهما.
وما إن سمع المسلمون صياح عبد الله بن رواحة حتى هبوا لمؤازرته وهو يعصف بجيش الروم بكل قوة وشجاعة وهم يرددون أنشودته الخالدة.. حتى سقط ابن رواحة شهيدا كما تمنى.
وبينما كان القتال يدور فوق ارض البلقاء بالشام أخبر الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حصل في الغزوة فحدث رسول الله الصحابة بذلك والمعركة مازالت تدور.
هكذا كان “عبد الله بن رواحة” شاعرا مجاهدا جسد أبرع صور الدفاع عن الإسلام والذود عنه بشعر صادق يحض النفوس على التقوى والجهاد وطلب الشهادة.. فأحبه النبي وأثنى عليه كثيرا والتف حوله المسلمون وحفظوا شعره ورددوه عن ظهر قلب.. رحم الله “ابن رواحة” وأسكنه فسيح جناته.